بيئة العمل في الرياض: مكاتب عصرية داخل المقاهي تعيد تعريف الإنتاجية

بيئة العمل في الرياض: مكاتب عصرية داخل المقاهي تعيد تعريف الإنتاجية
بيئة العمل في الرياض: مكاتب عصرية داخل المقاهي تعيد تعريف الإنتاجية

تشهد مدينة الرياض في السنوات الأخيرة تحولاً ملحوظاً في طبيعة بيئة العمل، حيث باتت المقاهي تلعب دوراً محورياً في صياغة مفهوم جديد للعمل بعيداً عن السائد في المكاتب التقليدية. التحول لا يقتصر فقط على الموظفين بل يشمل مختلف القطاعات، ويأتي نتيجة لمزج عناصر التراث المحلي مع عناصر الحداثة والتقنية. المقاهي أصبحت ملتقى للأفكار ومنصة لإنجاز الأعمال بصورة مرنة وبتكامل مع أدوات العصر الرقمية، مما أسهم في تشكيل نمط حياة جديد داخل العاصمة السعودية.

التجربة تعود بجذورها إلى عادات قديمة عرفتها الرياض منذ نشأتها، حيث كانت المقاهي آنذاك مقر تبادل الأفكار وإبرام الصفقات في مجتمع يسعى لتنظيم العمل وفق إمكاناته المتاحة قبل انتشار المكاتب الرسمية. مع تطور الزمن أعيد إحياء هذه الفكرة، ولكن بشكل يتواءم مع التقنيات الحديثة، إذ تحولت الأجهزة الذكية إلى مكاتب متنقلة يمكن من خلالها إدارة الاجتماعات والبناء الاستراتيجي وإنجاز الأعمال من أي مكان يوفر الاتصال الجيد بالإنترنت وبيئة هادئة ومحفزة.

عدد من موظفي القطاعين الحكومي والخاص رووا تجاربهم مع هذا النمط الجديد. مصعب مقبل من القطاع الحكومي يرى أن العمل في المقاهي يمنحه مرونة ويرفع من تركيزه، في حين يجد أمجد مشافي من القطاع الخاص أن تفاعله مع مرتادي المقاهي يوسع مداركه ويشجعه على الإبداع، ما يسهم في رفع الإنتاجية اليومية. مسؤولو بعض سلاسل المقاهي مثل أكثم صالح أكدوا أن تلك الأماكن لم تعد تقتصر على تقديم المشروبات، بل تم تجهيزها بمرافق داعمة للعمل وأصبحت خياراً مثالياً لعقد الاجتماعات.

كما أولى القطاع الثقافي اهتمامه بالتحوّل من خلال مبادرات أبرزها مبادرة الشريك الأدبي التي أطلقتها هيئة الأدب والنشر والترجمة لتحويل المقاهي إلى فضاءات ثقافية حية تجمع الكتّاب والمترجمين والقرّاء، وتكسر القوالب التقليدية لصناعة الثقافة. وتعود هذه التغييرات التدريجية إلى نمو العمل الحر وصعود الاقتصاد الإبداعي وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا، وتسارعت مع ظروف أزمة كورونا التي أثبتت أن بيئة العمل المرنة الملهمة أكثر فاعلية من جدران المكاتب المغلقة. وتجسد تلك المبادرات كيف تعيد مدينة الرياض رسم ملامح العمل والحياة لتواكب تطلعات أجيال حديثة.