
دعا الشيخ الدكتور عبد الله بن عواد الجهني إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين خلال خطبته الأخيرة إلى التمسك بتقوى الله وطاعته والابتعاد عن كل ما يخالف أوامره، ونبّه إلى ضرورة الانتباه لغفلة الأيام لما في مرور الوقت من عبرة وعظة، مذكّراً بأن الله بعث رسوله محمد بالهدى ليبدد ظلمات الجهل وينهي العصبيات والتفاخر بالأنساب ويتخلص من الخرافات والتشاؤم السائد في الجاهلية. كما أكد الشيخ الجهني على خطورة التشاؤم والطيرة واعتبرها من صفات الجاهلين والمشركين، مشيراً إلى أن العبد المؤمن يجب أن يوقن بأن ما يصيبه مكتوب له ولا يصح نسب الأمور سوى إلى الله وحده. وشدد على ضرورة الابتعاد عن سب الأيام أو الشهور أو السنوات، لكون ذلك دليلاً على السخط والجهل، محذراً من الاعتقاد بوجود الشؤم في بعض الأزمنة أو استسلام الإنسان لأوهام التشاؤم، مستشهداً بأحاديث نبوية تؤكد هذا المعنى.
من جهته، ألقى الشيخ عبد المحسن القاسم إمام وخطيب المسجد النبوي خطبة تناول فيها أهمية تقوى الله في كل الأحوال. وأوضح الشيخ القاسم أن بعثة الرسل تعتبر من أعظم نعم الله على الناس، إذ هم السُبل لتحقيق السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، ولا يمكن التفريق بين الحق والباطل إلا عبر ما جاؤوا به من رسائل، مبيناً أن الحاجة إلى الرسل تفوق احتياج الإنسان للحياة، فبفضل الرسالة يدوم عمران الأرض. وأشار إلى أن الله عز وجل أيد رسله بالبراهين والآيات الدالة على صدقهم، واستشهد بعدد من آيات القرآن التي تحدثت عن الأمم السابقة وعن معجزات الأنبياء والتي كانت دليلاً واضحاً على النبوة، موضحاً أن دلائل نبوة محمد أكثر وأعظم من غيره من الأنبياء.
كما تحدث الشيخ القاسم عن اعتراضات المشركين على رسالة النبي عليه الصلاة والسلام، وتنوع مطالباتهم للآيات وإصرارهم على الحجج رغم وضوح القرآن وما فيه من إعجازات. وبين أن المشركين سعوا، بعد ظهور الدلائل الواضحة، إلى اقتراح آيات جديدة ولم يتوقفوا عن العناد، حتى طالبوا باستبدال القرآن الكريم ذاته، وهو ما رد عليه النبي مستدلاً بأن الأمر لله وحده ولا يستطيع أحد أن يأتي بآية من تلقاء نفسه سوى بإذن الله. وأكد أن الله تعالى لم يستجب لمطالبهم لأن ذلك لم يكن يحمل في طياته تحقيق الإيمان، مبيناً أن كثيراً من الأمم السابقة طُلب منهم الآيات فلما جاءت لم يؤمنوا واستحقوا العذاب والهلاك، لافتاً إلى أن النبي محمد كان يشعر بالحزن من إعراضهم ولكنه بقي ملتزماً بما أوحى إليه ربه.
في سياق متصل، شدد الشيخ القاسم خلال الخطبة على خطورة الاستهانة بعظمة الله أو برسالة نبيه، مؤكداً أن من لا يعظم ما جاء به الدين قد يؤدي به ذلك للهلاك، ومشيراً إلى أن الله تعالى لا يُظهر المعجزات الكبرى إلا للأمم التي حُكم عليها بالعذاب أو الاستئصال. وختم القاسم مداخلته بأن الإسلام يقوم على أصلين هما الشهادة بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وباتباع النبي عليه السلام يتحقق توحيد الله ويكون الإنسان من خير خلقه.
وخلال الخطبتين في المسجد الحرام والمسجد النبوي دُعي المسلمون إلى الإخلاص في العبادة ومراقبة الله دائماً، كما نصحا بالمداومة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لما فيها من عظيم الأجر، وتفريج الكرب وقبول الأعمال وسعة الرزق، مؤكدين أهمية حفظ الجوارح والعمل بما أمر به رسول الله.